01/21/2023 20:38:11
الاخبار العالمیه
عائلة رفسنجاني.. موعدٌ دائمٌ مع السجنِ!
عائلة رفسنجاني.. موعدٌ دائمٌ مع السجنِ! لماذا تم إيقاف فائزة رفسنجاني وإطلاق سراح أخيها مهدي؟
يبدو أن عائلة الرئيس الإيراني الراحل علي أكبر هاشمي رفسنجاني، على موعدٍ دائم مع "السجن". فقمة هرمها هاشمي رفسنجاني وإبان فترة حكمِ الشاه الراحل محمد رضا بهلوي، تم سجنه 7 مرات، قضى فيها أكثر من أربع سنوات، استغلها في كتابة تفسير القرآن الكريم. بعد انتصار الثورة وعودة زعيمها روح الله الموسوي الخميني إلى إيران، العام 1979، كان رفسنجاني أحد الرجالات الأكثر قوة، فهو رفيق وتلميذ الخميني، منذ سنوات باكرة. ولذا، تولى مناصب عدة في الجمهورية الإسلامية الوليدة، حيث تسلم رئاسة: وزارة الداخلية، ومجلس الشورى الإسلامي، ومجلس خبراء القيادة، ومجلس تشخيص مصلحة النظام، وأيضاً رئاسة الجمهورية، فضلاً عن دوره المحوري في "قيادة القوات المسلحة" وتأسيس "الحزب الجمهوري الإسلامي".. لقد كان هاشمي رفسنجاني "شاه الثورة"، إلا أنه رغم ما له من نفوذ وقدمٍ راسخة بين أقرانه، لم يشفع له ذلك في حماية أسرته من السجن الذي كان أبناؤه على موعد معه. اتهاماتٌ بالفساد! العام 2015، دخل مهدي هاشمي رفسنجاني السجن، ليقضي عقوبة بالحبسِ مدة عشرِة أعوام، بُعيد إدانته بـ "جرائم اقتصادية والمسّ بالأمن القومي للجمهورية الإسلامية". الحُكم اعتبره المراقبون بمثابة "العقوبة السياسية"، التي يُراد منها الإجهاز على التاريخ السياسي لوالده هاشمي رفسنجاني، وفي ذات الوقت استجابة للضغوط التي تتهم عائلة "الشيخ الرئيس" بـ"الفساد المالي"، كونها عائلة منذ أساسها ثرية، اشتغلت بالتجارة، وكونت لها مكانة مرموقة. مهدي رفسنجاني، برز اسمه في "أوائل الألفية الثالثة، في قضايا تعلقت بمجموعتَي ستاتويل النرويجية العامة وتوتال الفرنسية، اللتين يشتبه في دفعهما رشى لتسهيل وصولهما إلى احتياطي مصادر الطاقة الإيرانية، حيث كان آنذاك مسؤولا كبيراً في قطاع النفط"، وفق تقرير نشرته وكالة الأنباء الفرنسية. كما أنه في 2009، أسّس "لجنة حماية الأصوات"، ودعم ترشيح الإصلاحي مير حسين موسوي، في الانتخابات ضد الرئيس المنتهية ولايته في ذاك العام محمود أحمدي نجاد. وهو الأمر الذي يطرحُ استفهامات عدة عن مدى "عدالة" الحكم الصادر بحق نجلِ الرئيس السابق هاشمي رفسنجاني. بُعيد 7 سنوات قضاها في محبسه، أفرج القضاء الإيراني عن مهدي رفسنجاني، حيث مُنح "إطلاق سراح مشروط"، وبحسب وكالة "ميزان" فقد تم تنفيذ حكم الجلد بحقِ نجل رفسنجاني، وأيضاً تم "استرداد أموال" و"دفع عقوبة مالية". إسكاتُ فائزة! المفارقة كانت فيما أشارت له صحيفة "آرمان ملی" الإصلاحية، حين عنونت: "جاء مهدي وبقيت فائزة"، ناشرة صورة لمهدي وأخته فائزة؛ حيث أطلق سراح الأول، وحُكم على الأخيرة بالحبس. محامية فائزة رفسنجاني، أشارت إلى أن المحكمة قضت بسجن موكلتها مدة 5 سنوات، على خلفية موقفها من الاحتجاجات التي اندلعت مؤخراً في البلاد. وكالة "إيسنا" للأنباء، نقلت في 2 ديسمبر 2022، عن فريق محاماة فائزة رفسنجاني، أنه عقدت الجلسة الأولى لمحكمة فائزة، وذلك بـ"تهمة التجمع والتآمر ضد أمن البلاد، والنشاط الدعائي ضد نظام الجمهورية الإسلامية، وتعكير صفو النظام العام والسلم بالمشاركة في تجمعات غير مشروعة". المتحدث باسم السلطة القضائية الإيرانية مسعود ستايشي، أعلن الأربعاء الماضي، 18 يناير الجاري، أنه حكم على فائزة هاشمي رفسنجاني بالسجن 15 شهراً بـ"تهمة الدعاية ضد النظام"، و37 شهراً بـ"تهمة إهانة المقدسات"، وأنها حالياً تقضي عقوبتها الأولى. المواقف الصريحة! لقد كانت فائزة الصوت الأكثر وضوحاً في عائلة الرئيس هاشمي رفسنجاني، وهي أخذت عن والدها قوته وصلابته، إلا أنها وربما بسبب ما تعرض له والدها وعائلتها، فضلت أن لا ترثَ عنه "البراغماتية السياسية"، وهذا ما انعكس على مواقفها التي كانت صريحة في معارضتها الكثير من القرارات الحكومية، كما أن نقدها طال مؤسسات كـ"الحرس الثوري" و"مكتب مرشد الثورة"، بل، آراء آية الله علي خامنئي ذاته! فائزة رفسنجاني، التي تعتبر من الناشطات الإيرانيات الأكثر خبرة، وعلى تواصل دائم مع النساء والنخب المدنية المختلفة، ارتفع حدة نقدها بعد مقتل الشابة مهسا أميني، والاحتجاجات التي شهدتها إيران، حيث نقلت إذاعة "راديو فردا"، قولها إن "ما تريد [السلطات] نقله هو أن هذه ليست احتجاجات، إنها أعمال شغب، لكنها في الحقيقة احتجاجات". فائزة رفسنجاني قولها إن "سلوك نظام الجمهورية الإسلامية يظهر للعالم بأن لدينا نظاما إرهابيا". رفسنجاني التي كانت تتحدث ضمن حوار عبر تطبيق "كلوب هاوس"، أشارت إلى أن "أنشطة الحرس الثوري تتسع يوماً بعد يوم، مما يجعل من غير المرجع عودته إلى معسكراته، ولذلك ربما تكون العقوبات هي الوسيلة الوحيدة لإرغام الحرس على العودة إلى معسكراته". هذه "الصرامة" في لغة فائزة، يمكن تفسيرها بأنها "ثورة ضد الثورة"، لأنها تعتبر أن الإيرانيين واجهوا نظام الشاه الراحل محمد رضا بهلوي، من أجل ترسيخ العدالة والحرية، وهو الهدف من تأسيس النظام الجديد؛ إلا أن الذي حدث بعد عقود من حكم "رجال الدين" أن "الجمهورية الإسلامية" لم تحقق احتياجات الإيرانيين وتطلعاتهم، وبات "التيار المتشدد" يمارس إقصاء ليس للمختلفين معه ضمن التيارات الوطنية أو الليبرالية وحسب، بل حتى داخل التيار الثوري الإسلامي ذاته، وهذا ما شهدت عليه فائزة رفسنجاني في تعامل أنصار التيار "الأصولي" مع رئيس الوزراء السابق مير حسين موسوي، والرئيس السابق لـ"مجلس الشوري الإسلامي" مهدي كروبي، وأيضا التضييق الذي مورس تجاه "التيار الإصلاحي" ورموزه كالرئيس السابق محمد خاتمي، الأمر الذي وصل إلى حد منع نشر صوره في الصحف الإيرانية. التجربة "المريرة" التي مر بها حزب "كوادر البناء" ورموزه، والذي كان عرابه علي أكبر هاشمي رفسنجاني؛ كل ذلك دفع فائزة رفسنجاني لأن تكون "اللبوة المستأسدة"، التي لا تكتفي بنقد سلوكيات "التيار المتشدد" وتقف عنده، بل ذهبت بعيداً لأن تطال مواقف "مرشد الثورة" في أكثر من مناسبة، ما دفع "الأصوليين" إلى إيداعها السجن، بحكم "قضائي"، كي يضعوا حداً للسيدة المتمردة التي لا تزالُ تنافح عن أفكار أبيها وقطاع واسعٍ جداً من الشعب الإيراني.