02/18/2025 21:43:08
الاخبار الاحوازیه
الأحواز: صراع الهوية في مواجهة سياسات التطويع

#صوت_الأحواز #الجبهة_العربية_لتحرير_الأحواز
كتب: سمير ياسين الأمين العام للجبهة العربية لتحرير الأحواز تمثل القضية الأحوازية نموذجاً فريداً لصراع الهوية في مواجهة سياسات التطويع المنهجية. فالنظام الإيراني يسعى إلى إعادة تشكيل الهوية الأحوازية عبر استراتيجيات متعددة، مستخدماً مزيجاً معقداً من الأدوات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، في محاولة لطمس معالم الهوية الأصيلة للشعب الأحوازي وإعادة صياغتها بما يخدم مصالحه البعيدة المدى. في المشهد الثقافي والإعلامي، يعمل النظام على توظيف بعض المطبلين المحليين كجسور للتواصل مع المجتمع الأحوازي. ومن أبرز الأمثلة على ذلك تأسيس قناة الأهواز الفضائية تحت إشراف المعمم الجزائري، زعيم الحوزات العلمية في المحافظة، حيث تعمل القناة على نشر رؤية النظام من خلال ما يسمى "بوابة التشيع"، مستخدمة كوادر من أبناء العشائر العربية الأحوازية. يترافق هذا مع تنظيم فعاليات ثقافية وأدبية موجهة تحت إشراف رسمي، وتقديم دعم مادي ومعنوي للأنشطة الثقافية التسويقية المتوافقة مع توجهات النظام، الذي يروج لها على أنها الغاية الأسمى للإفساح الثقافي وآخر طموحات الشعب. في المقابل، يتم اعتقال أكبر عدد ممكن من النشطاء في المجال الثقافي بشكل يومي والإفراج عنهم تحت شروط و قيود معينة. أما على الصعيد الاجتماعي، فيمثل شيوخ العشائر محوراً أساسياً في استراتيجية النظام. يتم منح المتعاونين امتيازات مادية واجتماعية مقابل تعاونهم، وتوظيف نفوذهم الاجتماعي في تهدئة التوترات السياسية. كما يتم إشراكهم في عمليات صنع القرار المحلي، وإن كان ذلك شكليا، واستخدام العلاقات العشائرية كآلية لضبط الحراك السياسي. في المجال الاقتصادي، تتنوع أدوات النظام بين تقديم مشاريع تنموية انتقائية في بعض المناطق المتعاونة، ومنح عقود وامتيازات اقتصادية للشخصيات المؤثرة. في حين أن أغلبية الشباب الأحوازي محرومون من الحصول على وظائف في المشاريع الاقتصادية الكبرى كقطاعات النفط، والغاز، والبتروكيماويات، والموانئ وغيرها ... بل يتم جلب العمال من مناطق خارج الأحواز في إطار مخطط التغيير الديموغرافي، ليتم ربط المصالح الاقتصادية المحلية بالتعاون مع السلطة، واستخدام الموارد الاقتصادية كأداة ضغط وترغيب. من أخطر السياسات التي يتبعها النظام محاولته المنهجية لتقليص طموحات الشعب الأحوازي وحصر مطالباته في إطار ضيق من القضايا الجزئية والقبلية الرجعية. فبينما تكافح الشعوب الأخرى من أجل حريتها وكرامتها وتتطلع نحو مستقبل أفضل، يسعى النظام لإبقاء الشعب الأحوازي أسير الماضي مقيداً بهموم محدودة لا ترقى إلى مستوى تطلعاته الحقيقية في التحرر والتقدم. هذه السياسة تهدف إلى منع تبلور وعي جمعي تقدمي يتطلع نحو مستقبل زاهر ويطالب بالحقوق الكاملة. وفي الوقت الراهن، تتجلى في الساحة الأحوازية ظواهر جديدة تعكس تحولاً في طبيعة النشاط السياسي والاجتماعي. فقد هيمنت ظاهرة "الهوسات" و البرامج التي تعكس غلبة الطابع القروي على الحراك. يميل البعض إلى هذه الأشكال البسيطة لسهولة تنفيذها وعدم حاجتها إلى كوادر متخصصة، لكن هذا يأتي على حساب العمل المؤسسي المنظم وهو ما تحتاجه الساحة. على المستوى الإقليمي، تواجه القضية الأحوازية تحديات جسيمة تتمثل في غياب الدعم الإقليمي الواضح وخسارة العمق العربي الاستراتيجي بعد احتلال العراق عام 2003 وهيمنة إيران على القرارات العراقية. كما يعاني الحراك من تشتت النشطاء في الخارج وتعدد الرؤى المتضاربة، مما يسهل انتشار دعايات النظام وتسويقها. ويزداد الوضع تعقيداً مع استهداف النشطاء المؤثرين في الساحتين الداخلية والخارجية عبر وسطاء أحوازيين. رغم محاولات النظام المتعددة لاحتواء الحراك الأحوازي، إلا أن روح المقاومة والتطلع للحرية لا تزال متجذرة في الشعب. فالوعي المتزايد بأساليب النظام، وظهور شخصيات مؤثرة خارج الإطار التقليدي الذي يروج له النظام، يمهد الطريق لبناء حراك سياسي منظم وفعال. المطلوب اليوم هو تطوير رؤية استراتيجية موحدة تستفيد من التجارب السابقة والتركيز على نقاط القوة في المجتمع الأحوازي، متجاوزة أساليب النظام في التفرقة والاحتواء. هذه الرؤية، مدعومة بعمل مؤسسي منظم وتنسيق فعال بين مختلف القوى الوطنية، يمكنها أن تشكل نقطة تحول في مسار النضال الأحوازي نحو تحقيق تطلعات الشعب في الحرية والكرامة.