09/05/2024 11:16:08 الاخبار الاحوازیه

حكاية من ذكرياتي مع ماريا الأيرلندية

Alternate Text


حكاية من ذكرياتي مع ماريا الأيرلندية


                    
بقلم: فارس عبد العال حمد

كنت اقوم بزيارة ماريا الايرلندية بأستمرار وذلك لتبادل الاحاديث و الافكار عن الكثير من القضايا اليومية و خاصة السياسية و الوطنية .
من بعد فترة من الزمن علمت ان ماريا دخلت في جدال كبير مع ابنتها وصلت الى القضاء و ذلك ليعطي المجال للقضاء في حسم هذا الخلاف بين الام و ابنتها.
 ف الام تصر على العودة الى ايرلندا وذلك للعيش في ما تبقى من عمرها فى موطنها الاصلي بينما ابنتها لا تقبل الا في بقاء امها في لندن بالقرب منها وذلك لان ماريا كانت تعاني من ظروف صحية حرجة.
فقام القضاء في حسم الخلاف تماشيا مع رغبة ابنتها شريطة ان يكون المثوى الاخير لماريا في مسقط رأسها.
من خلال محاولاتي في التحدث مع ماريا بغية التخفيف عن همومها  جراء هذه القضية كنت دائما اذكرها في من يقوم بتقديم الخدمات اليومية الجيدة لها و التي كانت تشمل النظافة وغسل الملابس و تحضير الطعام و الخروج للترفيه او التنزه. 
الا اني صعقت من اجابتها فقالت لي "ان كل ما ذكرته لي لا يعادل لحظة وطأة اقدامي على تراب الوطن."
فقلت لها اذا كان كل هذا الحب لأيرلندا فما الذي ارغمك لتركها و المجئ الى انجلترا؟
فقالت ان الظروف الاقتصادية الحرجة الي فرضت علينا من قبل انجلترا هي التي اوصلتني الى لندن.
فقلت لها  بهذه البساطة تريدين اقناعي!!! 
الشعب الايرلندي لديه حكومة و برلمان منتخب واعلام مستقل و  نقابات و احزاب متعددة, اذن لماذا تحملي انجلترا تباطؤ نمو عجلة اقتصادكم؟
فسئلتني عن اي حكومة او برلمان تتحدث ؟؟؟؟ 
فهل انت تتحدث عن حكومة تملئ عليها الشروط من لندن؟؟؟
برلمان يفترض انه منتخب من الشعب لكن في واقع الامر لا يتجرئ هذا البرلمان في قول كلمة حق واحدة لحكومة ويست مينستر (Westminister)؟
فطلبت منها ان توضح لي اكثر!!!
 فقالت لي الحكومة و البرلمان لا توجد لديهم المقدرة في سن و تشريع القوانين التي تتعلق في سيادتنا الداخلية دون موافقة حكومة انجلترا و اما خطوط السياسة الخارجية العريضة تفرض علينا من قبل الاجنبي و لا نملك حتى حرية النقد البناء للسياسة الخارجية البريطانية.

و من بعد كل هذا النقاش الطويل سئلتها ماهو تقييمك للنواب الايرلنديين في البرلمانين الايرلندي و البريطاني؟؟؟
لكن سرعان ما خيم علي الصمت  لدقائق كملاذا للتأمل و التفكير في الاوضاع  التي تمر بها دولة الاحواز العربية المحتلة من قبل ايران عندما اطلقت جوابها و قالت لي"  انه لا قيمة لمن يقبل في بيع وطنه للاجنبي او الخضوع لشروطه. "
طالما الوطن هويتي فأذن يجب ان تصان كل ذرة من ترابه مع الحفاظ الكامل على سيادته.
لكن و بعد هذا الجلوس بأسابيع من الزمن كنت اشاهد السيارة التي تحمل جثمان ماريا منطلقة من مكان اقامتها في لندن الى مسقط رأسها في أيرلندا.  
استوقفتني لحظات مليئة بالحزن و الألم الشديد مع طرح السؤال الذي يجول في خاطري بأستمرار متى سيتحقق حلم الأحوازيين الذين أرغموا من قبل الاحتلال الايراني على ترك الوطن في العودة لتكون انتقال الروح من الأحواز إلى الرفيق الأعلى ؟؟؟؟

بقيت احدق على موكب جنازة ماريا حتى غادر الجميع ولم يبق معي سوى صدى بيت من قصيدة ثمن الحرية لأمير الشعراء احمد شوقي التي كتبها في عام 1926:

وللأوطان في دم كلّ حرٍّ ..
 يدٌ سلفتْ ودَين مستحقُّ